الأربعاء، 2 يوليو 2008

تصدقوا .....أنا دخلت كباريه



مع جوزي طبعا مش لوحدي ، أنا أروح الأماكن المشبوهة دي" لوحدي "... دة كان أهلي يقطعوني ... أنا لا يمكن ، الفكرة بس أني و من مثلي من البنات و السيدات المحترمات و أيضا الرجال المحترمين اللي عمرهم ما دخلوا كباريه لازم يكون شدهم عنون الفيلم "كباريه" و فكروا زي ما أنا فكرت انهم يدخلوا الفيلم علي اعتبار ان شاشة السينما هي عينهم السحرية علي المكان دة و علي أي مكان او زمان تاني لم يتواجدوا فيه من قبل
علي العموم لقد دخلت الفيلم أثناء تواجدي بالإسكندرية في رحلة لم تكن جيدة – و هابقي احكيلكم المرة الجاية الرحلة ما عجبتنيش ليه- و لم يكن فيها شيء ممتع قدر الساعتين اللي قضيناهم في متابعة هذا الفيلم ، و خرجت من السينما و أنا بافكر جديا "لو الكباريهات كدة صحيح زي اللي شفته في الفيلم دة" يبقي لازم أغير عنوان البلوج بتاعي و أخليه "ريلي كباريه" لأن "ما الدنيا الا كباريه كبير" ايه رأيكم نفتح باب التصويت علي موضوع الاسم دة منتظرة أرائكم .
دلوقتي تحبوا أحكيلكوا الفيلم و لا أروح؟ ... أوك هاحكيلكوا بس عايزة من الأول أطمنكوا أني مهما حكيت بالتفصيل مش هاكون حرقته و لا حاجة لأنه مليان بالتفاصيل و الإشارات اللي تناولها المخرج و السيناريست بحرفية جامدة جدا خليتني فعلا أشوف كل أنواع البشر اللي موجودة حوالينا جوة الكباريه من المتدين المتعصب للمعتدل للمنحرف للمدعي حتى الكفار ، و شوفوا انتوا بأة لما المزيج دة يتواجد كله و بمبررات منطقية جوة الكبارية ممكن يتفاعلوا مع بعض أزاي ممكن يخرجوا بايه ؟؟؟؟
الغريب جدا في الموضوع أنهم تقريبا لم يتفاعلوا مع بعض و لم يكن بينهم أي ارتباط آو نزاع جوهري من أي نوع يمكن أن ينتج أي نوع من التفاعل – يعني كانت كل تعاملاتهم خارجية – فهم يرتدون الأقنعة و يضعون المساحيق و يزيفون المواقف – إيه رأيكم في الكلام الكبير اللي أنا بأقوله دة – طبعا عاجكبم ...شكرا شكرا دة أقل حاجة عندي.
نرجع للفيلم ؟ طيب بس صقفة كدة ولا أي حاجة تشجعوني بيها
ما علينا المهم ... الطبيعي أن العمل الفني بيكون منقسم لمقدمة و وسط و نهاية بحيث نتعرف علي الشخصيات في المقدمة ثم يبدأ الصراع بينهم حتى يصل إلي ذروته في الوسط ثم تأتي النهاية بحل العقدة و إنهاء الصراع ، في الكباريه بأة ما حصلش كدة و دة نتيجة الكلام اللي كنت لسه باقوله فوق (راجع الفقرة السابقة) يعني بما أن الشخصيات لم تتفاعل و لم تتصارع مع بعض الصراع الجوهري اللي يؤدي إلي ذروة الأحداث في منتصف العمل فاللي حصل إن نقطة الانفجار اللي المفروض تحصل في نص الفيلم أتأخرت للآخر أخر مشهد في الفيلم ، و قد جاء ذلك بشكل منطقي بحيث لا يمكن أن تتخيل نهاية أخري لتلك الأحداث المتشعبة غير الانفجار.
يصور الفيلم يوم واحد من أيام الكباريه من بداية تجهيز المكان بعد صلاة الجمعة و حتى نهاية السهرة في السادسة من صباح اليوم التالي ، و أكاد أشعر أن ذلك التكثيف في الأحداث قد نقل لكل من رأي الفيلم انه قد تم تصويره في نفس تلك الفترة _ يعني في يوم واحد – كما ظهر لنا تماما ، فنري "علام" الجرسون و هو متوجها إلي الكباريه مكان عمله بعد أداء صلاة الجمعة و ندخل معه لهذا العالم لأول مرة و لا نخرج منه بعد ذلك إلا في مشهد أو اثنين متعلقين بمسار الأحداث التي تحدث داخله ، و يبدو لنا علام من النظرة الأولي غير متماشيا مع المكان علي الإطلاق بهدوء ملامحه و حرصه علي أداء صلواته في مواعيدها ، و لكن يبدأ هذا الإحساس في التلاشي حين نري ما هو مدهش و عجيب في ذلك العالم الغريب علينا ، ذلك العجيب يقدمه لنا فؤاد صالح صاحب الكباريه – الفنان صلاح عبد الله- الذي يعد نفسه لأداء العمرة مع زوجته و أولاده –تلك الرحلة التي يقوم بها سنويا و يشعر أنها تغسله من الداخل ، فهو شخص ملتزم يدير الكباريه من مكتبه ذو النافذة الزجاجية المطلة علي الصالة دون أن يكون له علاقة بكل ما يدور هناك فهو لا يدخن و ليست له علاقات محرمة رغم إدارته لذلك المكان الذي يدعو إلي كل ما هو محرم ، و خلاف هذين النموذجين لا توجد شخصيا أخري في الفيلم يمكن أن نقول أنها غير منطقية أو متناقضة ، فقد مثلت جومانة مراد دور الفتاة الفقيرة التي دفعتها ظروفها للعمل بذلك المكان و قد أدت دورها بإتقان ودنيا سمير غانم و التي يعتبر دورها نوع من التعرية للأسباب التي قد ترغم مثيلتها لعمل ما لا يريدون تحت ضغط الظروف وعلي أساس حسابات مجتمعنا التي تبني علي منطق " طالما انك مجبر علي الخطأ في كل الأحوال فلتفعله بإرادتك أو تتظاهر بذلك و تكسب من وراءه أفضل من أن تقوم به رغما عنك و دون مقابل"
شخصيات الفيلم كثيرة جدا و رغم صغر حجم أدوارهم إلا أنها كلها مهمة من الجرسون لعامل الحمام – الذي نكتشف انه أخو فؤاد صالح – الذي خسر ثروته فرماه أخوه في ذلك المكان إلي الأميرة العربية إلي المطرب الشعبي إلي جامع النقطة الشريف الذي يضطر إلي الاختلاس لتعليم ابنته إلي بنات الليل و حتى الإرهابي و أمير التنظيم و الرجل العربي و البودي جارد الذي كان جندي مقاتل في حرب 73 .
موقف أخير أحب أن أقصه عليكم لأنه الأكثر إيلاما لي في الفيلم رغم أنه بدا موقف هزلي جدا – و يدل في نفس الوقت علي مدى تطابق عالم الكباريه مع عالمنا الخارجي ، وهو موقف التفجير المفترض أن يقوم به الإرهابي - فتحي عبد الوهاب- ليطهر هذا المكان الموبوء ، حيث يقف علي المنضدة التي كان جالسا عليها حين تأتي ساعة الصفر و يكبر و يتشاهد بصوت عالي جدا بعد أن لعبت الخمر برأسه ثم يضغط علي زر التفجير فلا يحدث شيء و يكرر المحاولة وهو غير مصدق مرة بعد مرة حتى يعتقد احد زبائن المحل من العرب انه يرقص فيلقي عليه بالنقطة و تبتعد الكاميرا لتصور لنا المشهد من منظور عين الطائر لنري جميع الموجودين بالمكان و كل منهم إما سكران أو لاهي فيما يفعل غير عابئ و لا عارف بمن قد يتسبب- في لحظة- في إنهاء حياته و تحويله إلي أشلاء –" هكذا نحن تماما " أعتقد أن هذا ما أراد لنا العمل أن نراه عن أنفسنا ، حين خرجت من السينما كنت أبكي لأنني شعرت أنني خرجت من دار العرض إلي الكباريه الحقيقي الذي كنت أراه منذ لحظات من العين السحرية .... الظاهر أن " ما الدنيا إلا كباريه كبيييييير " مع الاعتذار لكل الناس اللي مش واخدين بالهم لسة احنا باقينا فين.