الخميس، 28 فبراير 2008

هاحرقلكوا الطاجن - اآآآآه الفيلم


تحدثنا أعزائي المشاهدين في الحلقة السابقة عن عملية التطهير التي تلي مشاهدة عمل تراجيدي ما ، و تكون نتيجة طبيعية لحالة الراحة التي يشعر بها المشاهد بعد القلق و التوتر اللذان سببهما له مشاهدة العمل و تمثله أحداثه، و اليوم نتحدث عن العكس أي العمل الكوميدي و ما قد ينتج عن مشاهدته ، فهل ينتج العمل الكوميدي نوعا من التطهير أيضا؟
الحقيقة أن ما يحدث مع العمل الكوميدي أو كنتيجة له هو عكس ذلك تماما ، فالعمل الكوميدي – الحقيقي- يبني علي فكرة تعرية العيوب و فضخ أخطاء المجتمع و تكبيرها بشكل كاريكاتوري هزلي ، بحيث يقدم للمشاهد السم في العسل أو كما يطلق عليها في الانجليزية in a sugar coated manner و المعني الحرفي لتلك العبارة هي ما يقوم به الصيادلة من إخفاء الطعم المر لأقراص الدواء بطبقة من السكر لنكون قادرين علي ابتلاعها.
عموما كلامنا النهاردة هايكون عن الطاجن الناضج جدا الذي قدمه طلعت زكريا في فيلم طباخ الرئيس ، فهل انتم مستعدون لمشاركتنا الطعام؟ يالا بسم الله مدوا أيديكم فالطاجن شهي و في انتظاركم .
بصراحة كاتب الفيلم دة عامل شغل عالي قوي ، طبعا الفكرة واضحة من الإعلان ، دة طباخ شعبي وصل بطريقة أو بآخري إلي أن يكون طباخ الرئيس ، و بالتالي يصبح عين الرئيس علي الأوضاع الحقيقية للناس بصورة أفضل من تلك التي تقدمها تقارير مساعديه.
الفيلم ملئ بالأحداث و المواقف التي يحتاج سردها و التعليق عليها وقت طويل جدا ، و لكنني سأذكر موقفين اثروا فيا بشكل خاص ، الأول: موقف حاشية الرئيس في اجتماعهم الطارئ للوصول لحل يجعل الناس لا تخرج من بيوتها في اليوم الذي يرغب فيه الرئيس النزول إلي الشارع ، و الموقف دة أثار في نفسي سؤالين : الأول: هل فعلا الحكومة شايفانا بالسذاجة دي؟ عشان تتخيل أن ماتش بين مصر و البرازيل أو حفلة لنانسي و هيفا ممكن تخلينا كلنا نسيب اللي ورانا و اللي قدامنا و نقعد في البيت؟ و الثاني: هل ممكن نكون وصلنا لكدة فعلا؟
المهم يصل الكاتب يوسف معاطي إلي حل عبقري – مما أكد لي أننا غير ساذجين – و هو إعلان الحكومة أن اليوم الذي يريد الرئيس أن يخرج فيه للشارع سيحدث كسوف كلي للشمس ، و أنها هايصدر عنها أشعة ضارة قد تؤدي إلي العمى "عشان كده لازم الناس تقعد في بيوتها و تغلق كافة النوافذ و الأبواب.
اما الموقف الاخر فهو عبارة عن رسالة تحذيرية جاءت في موقف الممثل سعيد طرابيك الذي يجسد شخصية الاعمي في الفيلم ، فهو الوحيد الذي لا يخشي من الخروج من بيته في ذلك اليوم لأنه بالطبع لا يخشي الإصابة بالعمى ، و يأتي التفسير علي لسان متولي "الطباخ" الذي يقول "ضربوا الأعور علي عينه قال خسرانه خسرانه" و هي رسالة تحذيرية لكل من يحاول أن يضغط علي مرؤوسيه فهناك لحظة يشعر فيها الإنسان انه قد خسر كل شئ فلا فارق لديه لو عارض أو تطاول أو انفجر
معني كده أن الكاتب _ الطباخ الحقيقي للفيلم_ قد قدم طاجن شهي يمكن أن يأكل منه الشعب و الحكومة ليحصل كل منهم علي نصيبه من السم و العسل معا. و قد جاءت نهاية الفيلم بصورة مؤلمة للطباخ جالسا في حديقة بميدان التحرير فجرا و هو حافي القدمين و لابس بيجامة ناظرا إلي صورة الرئيس لا يعرف كيف يصل إليه و لا ماذا يريد أن يطلعه عليه بالتحديد رغم انه عارف أن " في حاجة غلط" لكنه لا يعرف كيف يحددها.
الموقف مؤثر و لكنه ذكرني بموقف كوميدي حدث مع احدي صديقاتي قالت لي أن مرتبها الذي لا يتجاوز الخمسمائة جنيه – يقتطع منه مبلغ معين كضريبة للكسب غير المشروع ، و هي إنسانة محترمة تكسب رزقها بشكل محترم من احدي الهيئات الحكومية المحترمة ، و قد قالت لي صديقتي بالنص "عشان ما تبقوش تستغربوا لما تلاقوني باجر كارتونه رابطاها بفتلة و ماشية اكلم نفسي بين المكاتب"
قد يحدث أن تقابلوها علي فكرة جنب الطباخ في ميدان التحرير هي و كرتونتها فاعلموا أنها إنسانة محترمة دفعتها " الظروف" لجر الكر تونة الفارغة ، ابقوا حطولها أي حاجة في الكرتونة بدل اللي خصموه منها رغم أنها و الله كسبها مشروع